من طرف د. جمال الثلاثاء مارس 31, 2009 4:53 pmالقضية الفلسطينية بعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتقسيم فلسطين عام 1947
لا يمكن النظر إلى المسألة الفلسطينية بمعزل عن تواصلها التاريخي ، فقد برزت هذه المسألة كقضية وطنية تحررية في بداية عشرينات القرن الماضي ، عندما تعهدت الحكومة البريطانية على لسان وزير مستعمراتها آنذاك السير بلفور بتسهيل مهمة الحركة الصهيونية في إقامة " وطن قومي يهودي " لها في فلسطين . وعلى هذا الأساس بدأ الانتداب البريطاني في القيام بخطواته العملية التي تتلائم مع هذا الهدف .
لم تكن الحركة الوطنية الفلسطينية انذاك تواجه خطرا عاديا أو بسيطا ، بل عدوا قويا تمثل بالاستعمار البريطاني والحركة الصهيونية العالمية التي كانت تمتلك من إمكانيات مادية وعسكرية كبيرة جدا تفوق في قوتها عشرات المرات إمكانيات الحركة الوطنية الفلسطينية . وعلى الرغم من هذه القوة والإمكانيات والتسهيلات التي أتاحها الانتداب البريطاني للحركة الصهيونية ، فقد انفجرت عدة صدامات وإضرابات وثورات في سنوات 1928 – 1929 ، 19930 – 1933 ، 1936 – 1939 والتي على أثرها قامت الحكومة البريطانية بإرسال العديد من لجان تقصي الحقائق والوقوف على أسباب نشوب الاضطرابات والصدامات بين العرب واليهود . فقد أرسلت لجنة شو البرلمانية ، واللجنة البريطانية الملكية ( بيل ) والتي قدمت تصورها لحل القضية الفلسطينية في عام 1936 بتقسيم فلسطين إلى دولتين ويهودية وعربية تكون جزء من إمارة شرق الأردن .
لقد كانت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية مرحلة حاسمة في تاريخ الحركة الصهيونية من ناحية قيام مشروعها الاستيطاني بإقامة " وطن قومي يهودي " في فلسطين ، حيث عبر عن ذلك أحد الزعامات الصهيونية الكبيرة دافييد بن غوريون بأنه " إذا كانت الحرب العالمية الأولى قد جاءت بوعد بلفور ، فان الحرب العالمية الثانية ستأتي بالدولة اليهودية " . زياد الصغير ، تطور القضية الفلسطينية 1964-1976 ، ص 28 . م.ت.ف الإعلام الموحد أيار 1978 .
من الواضح أن حديث بن غوريون يأتي على أرضية فهمه الكامل للظروف التي تحيط بهدف إقامة " وطن قومي يهودي" في فلسطين ، فمن الواقع أنه بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تتبلور على الأرض الفلسطينية وقائع مادية جديدة تمثلت بالتالي :
* أن الحركة الصهيونية العالمية قامت بتمتين تحالفاتها الإستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية ، التي أصبحت زعيمة العالم الرأسمالي بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية منتصرة وقوية ، وباتت تلعب دورا كبيرا من خلال دخول احتكاراتها النفطية إلى منطقة الشرق الأوسط . ومن خلال هذا التحالف نجحت الحركة الصهيونية في توفير المقدمات المادية الضرورية لإقامة كيانهم في فلسطين ، ومن جهة أخرى فان الولايات المتحدة رأت في قيام مثل هذا الكيان ضمانة لحماية مصالحها الاقتصادية والنفطية التي بدأت تتغلغل في هذه المنطقة المهمة والحيوية من العالم .
* استغلال الحركة الصهيونية للمذابح التي تعرض لها اليهود في أوروبا جراء الحكم النازي الألماني ، مما أثار تعاطف الحكومة البريطانية ، حيث تمكنت الحركة الصهيونية بالتواطؤ مع الانتداب البريطاني بإدخال أكثر من 600 ألف مستوطن يهودي إلى فلسطين .
* بدأت الحركة الصهيونية بإقامة العشرات من المدن السكانية والقرى والمراكز الصناعية والمستوطنات الزراعية لاستيعاب المستوطنين الجدد .
* تدريب فرق عسكرية مجهزة بأحدث الأسلحة، وتطوير الأجهزة والمؤسسات بما يجعلها مؤهلة لحكم البلاد، حيث أصبحت الوكالة اليهودية من الناحية العملية بمثابة دولة داخل سلطة الانتداب وتشرف على كافة شؤون المستوطنين اليهود.
وانسجاما مع الدور الذي أصبحت تضطلع به الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية ، فقد تم الاتفاق مع الدولة المنتدبة ( بريطانيا ) بإرسال لجنة أنجلو- أمريكية لتقصي الحقائق في فلسطين . لقد كانت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية على قناعة تامة بضرورة قيام " وطن قومي يهودي " ، ورأت في هذا الكيان شرطي لحماية المصالح الاقتصادية الحيوية للدول الرأسمالية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة . وانطلاقا من هذه القناعة جاء تقرير اللجنة الانجلو – أمريكية مشددا على ضرورة تقسيم فلسطين ، وقد وضعت مشروعها الكامل لتقسيم فلسطين عام 1946 .
لقد رفضت الحركة الوطنية الفلسطينية مشاريع تقسيم فلسطين جملة وتفصيلا، وخاضت نضالا كبيرا ضد تدفق المهاجرين اليهود وضد بيع الأراضي وضد سياسة غض الطرف التي اتبعتها سلطات الانتداب البريطانية اتجاه ممارسات الحركة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني. وقد كانت عصبة التحرر الوطني ، التنظيم الفلسطيني الأكثر وضوحا في الحركة الوطنية الفلسطينية من الناحية السياسية ، وشعرت بحجم المؤامرة وكبرها قبل وقوعها ، ولهذا طرحت برنامج سياسي واقعي يحل العقدة الفلسطينية حلا عادلا " على أساس الديمقراطية وتأمين السلم والاستقرار في هذه البقعة من العالم ، هو الطريق الذي يقود إلى تصفية الانتداب وجلاء الجيوش البريطانية وإنشاء دولة فلسطينية ، تؤمن الحقوق للعرب واليهود " . المذكرة التي قدمتها عصبة التحرر الوطني في فلسطين إلى منظمة الأمم المتحدة في آب 1947 .
بانتهاء الحرب العالمية الثانية ، وتصاعد نضال شعوب أسيا وإفريقيا وأمريكيا اللاتينية ، ومنها نضال الشعب الفلسطيني ضد الاستعمار . وفي الثامن عشر من شباط 1947 اضطرت الحكومة البريطانية إلى إدراج القضية الفلسطينية على جدول أعمال الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة ، حيث لم يكن الهدف من ذلك إلغاء انتدابها على فلسطين بل على العكس من ذلك ألا وهو تجديد تفويض هذا الانتداب من الهيئة الدولية . وقد قامت بريطانيا بتذكية الصراع القومي بين الفلسطينيين واليهود ، مرتكزة بالأساس على دور الحركة الصهيونية ، التي لم تدخر جهدا إلا واستخدمته ضد إمكانية التفاهم بين الشعبين ، وقد وجدت الرجعية العربية والحركة الوطنية الفلسطينية في ذلك دعما لتصورها على عدم تحقيق أي إمكانية للتفاهم بين الفلسطينيين واليهود وبالتالي بقاء فلسطين خاضعة للانتداب البريطاني .
لقد أيدت عصبة التحرر الوطني في فلسطين ، مسألة عرض القضية الفلسطينية على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ، واعتبرته " نصرا للقضية الفلسطينية ، لأنه سيخرجها من الطوق الامبريالي المفروض حولها ، وانتقدت العصبة القيادة القومية التقليدية لأنها لم تبادر بنفسها إلى عرض القضية الفلسطينية على الأمم المتحدة ، وتركت المبادرة بأيدي الامبريالية " . 37 عاما على تأسيس الحزب الشيوعي الأردني ، منشورات التنظيم الشيوعي الفلسطيني في لبنان ، ص 13.
وطالبت العصبة في نفس الوقت بضرورة الاتصال بلجنة التحقيق الدولية التي شكلتها الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في فلسطين بتاريخ 15/أيار/1947 والتعاون معها لكشف الواقع الذي تسعى البلدان الاستعمارية والحركة الصهيونية لحجبه عن المجتمع الدولي وهذه اللجنة تتألف من الدول التالية ( استراليا ، كندا ، تشيكوسلوفاكيا ، غواتيمالا ، الهند ، إيران ، هولندا ، بيرو ، السويد ، أوروغواي ، يوغسلافيا ) . وقد طولبت هذه اللجنة بتقديم تقريرها إلى " الأمين العام في وقت لا يتعدى الأول من أيلول 1947، كي يوزع على أعضاء هيئة الأمم المتحدة في الوقت الملائم للنظر فيه في دورة الجمعية العامة العادية الثانية “. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 106، الدورة الاستثنائية -1 بتاريخ 15/أيار /1947، الفقرة السابعة. ومن أجل تسهيل مهمة هذه اللجنة، تبنت الجمعية العامة بإجماع الأصوات قرار يدعو " جميع الحكومات والشعوب
، وسكان فلسطين خاصة، إلى الامتناع، ريثما تتصرف الجمعية العامة بتقرير اللجنة الخاصة بفلسطين من تهديد بالقوة واستعمالها، أو أي عمل أخر يمكن أن يخلق جوا ضارا بتسوية فلسطين تسوية مبكرة “. قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 107، الدورة الاستثنائية -1 بتاريخ 15/ أيار /1947 وقد تم تبني هذا القرار في جلستها العامة رقم 79 بإجماع الأصوات. وخلال النقاشات التي دارت في الجمعية العامة ، وقفت القيادة الفلسطينية التقليدية بالتواطؤ مع الدول الرجعية في الجامعة العربية موقف غير واضح اتجاه الحل الديمقراطي للقضية الفلسطينية ، والذي طرحته عصبة التحرر الوطني في فلسطين . وقد استغلت الحركة الصهيونية هذا الموقف، ونجحت في إقناع الرأي العام الدولي بالتعاون مع الدول الاستعمارية، بأن القضية الفلسطينية هي قضية صراع تناحري بين الفلسطينيين واليهود، وأن حل مثل هذا الصراع لا يتم إلا عبر إقامة دولة يهودية في فلسطين.
» الحزب الشيوعي المصري يخرج للعلن بعد 90 عاماً من الحظر
» حزب الشعب يهنىء الطبقة العاملة الفلسطينية بعيد العمال العالمي
» هل يهمكم نجاح المنتدى ... إذا ادخلوا هنا وخذوا بعض الإرشادات.
» حزب الشعب يهنئ الطوائف المسيحية بحلول الاعياد المجيدة
» الصالحي: كل التحية للشعب المصري ومن اجل تعزيز الارادة الشعبية الفلسطينية
» حزب الشعب: الصمود السياسي واستخلاص العبر كفيل بحماية منظمة التحرير الفلسطينية
» عميره: ما نشر عني حول وثائق الجزيرة جاء مجتزءا ولم يغط جميع جوانبه
» عميره لــ " الاتحاد ":لو كان توجه "الجزيرة" حياديًا لما تم عرضه بهذه الطريقة المسيئة للشعب الفلسطيني